جريمة كاني عاشقان وانتفاضة حلبجة – 1987 جرائم Blog KGNA
جرائم

جريمة كاني عاشقان وانتفاضة حلبجة – 1987


 جريمة كاني عاشقان وانتفاضة حلبجة – 1987


في خريف عام 1975، نتيجة لاتفاقية الجزائر بين صدام حسين وشاه إيران، والتي كانت تهدف إلى إنهاء ثورة أيلول الكردية بقيادة الفقيد الملا مصطفى بارزاني، كان أحد بنود الاتفاقية يقضي بإنشاء حزام أمني يمتد لأكثر على طول الحدود بين البلدين علی عمق من 20 كيلومترًا. وتضمن ذلك إخلاء المنطقة ونقل القرى إلى المجمعات القسري، وهو إجراء نُفِّذ في العراق فقط.
في عام 1978، تم نقل منطقة هورامان وجميع قراها، باستثناء بيارة وطويلة. ومع ذلك، بعد بدء الحرب بين إيران والعراق في عام 1981، تم أيضًا إخلاء هذه المناطق ونقلها إلى المجمعات القسري وتدميرها بسبب القصف المتواصل. بتعبير آخر، أصبحت منطقة هورامان حينئذ جزءًا من المناطق المحظورة أمنيا، وكان جميع سكانها إما في حلبجة، أو في المجمعات القسري. 

مع بدء الحرب بين العراق وإيران، عزز نظام البعث حزامه الأمني، ووسع المنطقة الحدودية بالضغط على القرويين ونقل سكان القرى الحدودية. نظرًا لأن حلبجة كانت تقع على الحدود العراقية الإيرانية، بدأت حكومة البعث بنقل قرى حلبجة، وتلك القريبة من الحدود الإيرانية.
في أواخر أبريل عام 1987، حذر النظام، من خلال مسؤولي القرى، القرى جميعهم بأن عليها إخلاء منازلها والانتقال إلى المدن لمنعها من أن تكون ملاذاً للبشمركة، وهو قرار كان في البداية صعباً جداً بالنسبة لأهل المنطقة. بحلول منتصف عام 1987، بلغت التهديدات ذروتها، حيث لم تقتصر على القرى الحدودية فحسب، بل شملت أيضاً القرى القريبة من حلبجة والطرق الرئيسية.

كل هذه الإجراءات تبعت أمر الطاغية صدام حسين بتعيين علي حسن المجيد رئيساً لتنظيم البعث الشمالي، مانحاً إياه سلطة مطلقة في المناطق جميعهم ذاتية الحكم، بما في ذلك كردستان، بموجب المرسوم رقم 160 في مارس 1987.

وفقاً لقرارهم، كان وجود البشر والحيوانات في المناطق المحظورة ممنوعاً تماماً، وكان إطلاق النار مفتوحاً وغير مقيد، ولم يخضع لأية توجيهات.
طالب أهالي حلبجة ومحيطها بشكل متكرر من مسؤولي نظام البعث في حلبجة بتوضيح أسباب هذه النقلات، لكنهم لم يتلقوا أي رد. نتيجة لذلك، قرر الأهالي والمفكرون والشباب في حلبجة ومدن أخرى في المنطقة تنظيم مظاهرات وانتفاضة ضد هذا القرار. لذا نظم أهالي حلبجة وهورامان وشارزور مظاهرات ضد هذه الحملة النفي في تاريخ ١٣/٥/١٩٨٧ في حلبجة.

بدأت المظاهرات في حي كاني عاشقان ثم امتدت إلى حي كاني قولكا. نظام البعث، على علم بتوسع المظاهرات، أمر قوات الجيش والأمن والاستخبارات بمهاجمة المتظاهرين الذين تعرضوا لإطلاق نار عشوائي. استشهد أول متظاهر باسم مریوان حمە رشيد في إطلاق نار وسط السوق، من رشاش دوشكا مثبت على سطح سراي حلبجة. نُقل العشرات من الجرحى إلى مستشفى عنب.
ثم قام نظام البعث بقصف عشوائي لأحياء حلبجة بالهلیكوبتر، خاصة الأماكن التي يُشتبه بأن المتظاهرين كانوا يختبئون فيها، مما أدى إلى تدمير عدة منازل وقتل وإصابة العديد من الأشخاص.

علي حسن المجيد، الذي كان مسؤولاً عن تنظيم الشمال لحزب البعث حينئذ، أصدر أمراً بقتل الجرحى في مستشفى عنب، وأن يتم تسوية أي منطقة يُسمع فيها إطلاق النار بالجرافات والقصف أو التدمير. كما أمر بتدمير حي كاني عاشقان، الذي كان يضم أكثر من 350 بيتاً، باستخدام مادة TNT، مما أدى إلى تشريد سكانه.

بناءً على هذا القرار، حاصرت القوات العسكرية مستشفى حلبجة مساءً، واعتقلت الجرحى ومرافقيهم، البالغ عددهم 25 شخصًا، ونقلتهم إلى قاعدة حلبجة العسكرية. وفقًا للشهود، أُعْدِم المعتقلون وهم معصوبو الأعين ومقيدو الأيدي، ودفنوا في مقبرة جماعية خلف القاعدة العسكرية، بين حلبجة وقرية بموك. بعد انتفاضة عام 1991 في كردستان وتدمير القاعدة العسكرية، تم اكتشاف هذه المقبرة الجماعية بعد سنوات في أثناء قيام أهالي حلبجة بإعادة بناء منازلهم ومشاريع بلدية. تُعُرِّف على الضحايا من خلال بطاقات هوياتهم، وكانوا من ضحايا المسيرة والانتفاضة في 13/5/1987.


في اليوم نفسه، تم اعتقال 26 مواطنًا كانوا عائدين من هورامان وحلبجة بين حلبجة وسيد صادق، ودفنوا في معسكر الجيش بقرية شانەدر. في الوقت ذاته مع الانتفاضة والتظاهرات في حلبجة، قام أهالي قرية سيروان بالانتفاضة ضد الظلم والطغيان الذي مارسه النظام.

وكذلك الحال كان أهالي سيد صادق جاهزين لتنظيم مظاهرات دعم لأهل حلبجة، لكن قوات النظام تصدت لهم بسرعة، مما أدى إلى استشهاد ثمانية مواطنين. تم تدمير وهدم حي حصار في مدينة سيد صادق.

خلال الانتفاضة في 13 /5/ 1987، ارتكب نظام البعث جرائم عديدة، بما في ذلك تدمير أكثر من 350 منزلًا في حي كاني عاشقان، أحد أقدم أحياء حلبجة، باستخدام مادة TNT. دُمِّر المنازل بالكامل، مما أدى إلى تشريد سكانها، وجعلهم بلا مأوى. كما تم إعدام 79 شخصًا، وأصيب المئات، وتشرد أكثر من 3000 شخص من منازلهم ومعيشتهم.

بعد أسبوع من قمع المظاهرات على الحدود، فر آلاف الأشخاص من جحيم نظام البعث إلى إيران، عابرين الحدود ليلًا. كانت هذه أول مجموعة من اللاجئين الأكراد الذين هاجروا إلى إيران بعد هجرة الأكراد في عام 1974 خلال الثورة أيلول ضد الظلم والطغيان.


قضية جريمة كاني عاشقان وانتفاضة حلبجة – 1987

بعد سقوط النظام، سُجِّلَت جريمة كاني عاشقان تحت رقم (2/ج 5/1388) في الفرع الخامس تحت رئاسة القاضي عبود مصطفى حمامي، وتولى القضية اثنان من المحامين (بكر حمه صديق وگوران أدهم) في المحكمة العليا الجنائية في العراق.

أعلن القاضي عبود مصطفى حمامي بعد ثلاث جلسات وسماع عدة شهود، في الجلسة الأخيرة التي كانت الرابعة في تاريخ 27/1/2010، أن المتهم الرئيسي في هذه القضية، علي حسن المجيد، أُعْدِم بموجب شهادة الوفاة رقم (250907) في تاريخ 25/1/2010، وأغلقت قضية الانتفاضة في 13/5/1987 وحي كاني عاشقان دون نتيجة.

Exit mobile version